اجتبية
08-07-2006, 02:04 PM
العامة والخاصة في الوطن العربي يعيشون التراث وينغمسون في حياضه وينهلون من نبعه الذي لا ينضب، ويتأثرون به في معاملاتهم ورؤاهم المتعددة لما حولهم ولمن حولهم، وإذا كان العامة يعيشون في كنف التراث الشعبي، فهو لا يقتصر عليهم دون غيرهم، فالنخب الاجتماعية والسياسية تشاركهم في ذلك. غير ان هؤلاء وأولئك يعيشون التراث ويتأثرون به – بل ان بعضهم يؤثر فيه صياغة، وتداولاً، وصوناً – بصورة بداهية وتلقائية. وإذا كانت هناك ثمة فئة تسعى لتحديد المواقف من التراث فهي فئة المثقفين العرب، فلقد تناولت هذه الفئة التراث من منطلقات علمية و(أيديولوجيات) سياسية متباينة، والمتتبع لهذا الأمر يلاحظ وجود ثلاث فئات يتبنى أصحابها ثلاثة مواقف يمكن إجمالها في التالي :
أ ) الثورة على التراث : يتبع أصحاب هذا الرأي نهج الثورة على كل قديم، ويرون أن التراث يعوق حركة التجديد التي يريدونها لمجتمعاتهم، وأنه يقف حجر عثرة أمام الأمة في سعيها للحاق بحضارة الغرب. ويدعو أولئك إلى تغيير فكري يواكب التطور المادي الذي بهرهم، والذي ظنوا أنه الملاذ والمخرج من الحياة التقليدية البالية إلى الحياة العصرية الحديثة، ممثلة في حضارة الغرب، وينطلق أتباع هذا الرأي من مواقف (إيديولوجية) أو تجارب حياتية اكتسبوها إبان حياتهم ودراساتهم في الغرب، أو نتيجة لتأثرهم وانبهارهم به.
ب) التمسك الأعمى بالتراث والحفاظ عليه بصورة جامدة : إذا كان أصحاب الموقف الأول قد نبذوا التراث وساروا على طريق الغرب، منادين بأتباع ما جاءت به الحضارة الغربية، فلقد دعا أصحاب الموقف الثاني إلى التمسك المطلق، بل الأعمى، بالتراث والحفاظ على كل ما هو تقليدي وقديم وإن ارتبط بالركاكة والجمود، واتسم موقف هذه الفئة برفض الفكر الغربي، ورغم أنهم سارعوا إلى الاستمتاع بثمرة ذلك الفكر ومعطياته الحضارية من سلع وأدوات مستحدثة في مجتمعاتهم، إلا أنهم ظلوا منكفئين على ذواتهم فكرياً، متمترسين خلف تراثهم، رافضين كل ما يأتي من الغرب عدا الجوانب المادية ممثلة في تلك السلع والأدوات.
وليس كل ما يأتي من الغرب شراً، كما ليس كل ما يأتي من الشرق خيراً. وعموماً صارت أغلب التقنيات الحديثة التي تمثل ثمرة الحضارة المعاصرة، تأتينا من الشرق وليس من الغرب والشرق ممثلاً في اليابان والصين وكوريا وإندونيسيا وماليزيا أقرب إلى العرب جغرافيا ووجدانياً منهم إلى الغرب. وفي ذلك مدعاة إلى تغيير نظرتنا للحضارات الأخرى، وللتعامل مع (الآخر) وتحديد مواقفنا منه بصورة أكثر إيجابية. ويمثل هذه الفئة بعض السلفيين الذين تمسكوا بصيغ وأشكال من التراث لا تعبر عن جوهر التراث العربي الإسلامي الأصيل في عصر ازدهاره وتمسكه بالعقلانية والوعي. ولقد جعل أولئك أنفسهم أوصياء على التراث، بل على شكل من أشكال التراث اتسم بالركالة واللاعقلانية، ولقد ركز أتباع هذه النهج على الذيلية العمياء للنصوص والمأثورات أكثر من تركيزهم على مضامين هذه النصوص.
جـ) التوفيق بين القديم والحديث : وإذا كانت التبعية التي تجلّت في آراء أصحاب الموقف الأول تقتل الثقة في النفس وتحكم على الأمة بالهامشية المطلقة، وتدعوها إلى الذوبان في حياض (الآخر) طوعاً واختياراً، فإن السلفية أدت إلى تقوقع المجتمع، ولم تنجح في بناء تصور واضح وخلاّق عن علاقة الأمس باليوم، ولذلك عجزت عن جعل التراث قوة فاعلة ومؤثرة في حياة الناس حاضراً ومستقبلاً.
وبناء على ما تقدم اتخذ أتباع الموقف الثالث وضعاً توفيقيا ًيدعو إلى الربط بين الدين والدنيا، والماضي والحاضر، والإسلام والغرب، والروح والمادة، والأصالة والمعاصرة، ولقد كثر أتباع هذا الموقف في الآونة الأخيرة واتجهت الأنظار نحو التفكير الواعي الذي يدعو إلى التعامل مع التراث بدون قدسية وبمنهج علمي وعملي يسعى لربطه بحياة الناس وبقضاياهم ومشكلاتهم اليومية، ويستخدمه في الوقت ذاته مؤشراً إلى تطلعاتهم المستقبلية، وذلك في غير إهمال لمآثر الماضي وإيجابياته.
أ ) الثورة على التراث : يتبع أصحاب هذا الرأي نهج الثورة على كل قديم، ويرون أن التراث يعوق حركة التجديد التي يريدونها لمجتمعاتهم، وأنه يقف حجر عثرة أمام الأمة في سعيها للحاق بحضارة الغرب. ويدعو أولئك إلى تغيير فكري يواكب التطور المادي الذي بهرهم، والذي ظنوا أنه الملاذ والمخرج من الحياة التقليدية البالية إلى الحياة العصرية الحديثة، ممثلة في حضارة الغرب، وينطلق أتباع هذا الرأي من مواقف (إيديولوجية) أو تجارب حياتية اكتسبوها إبان حياتهم ودراساتهم في الغرب، أو نتيجة لتأثرهم وانبهارهم به.
ب) التمسك الأعمى بالتراث والحفاظ عليه بصورة جامدة : إذا كان أصحاب الموقف الأول قد نبذوا التراث وساروا على طريق الغرب، منادين بأتباع ما جاءت به الحضارة الغربية، فلقد دعا أصحاب الموقف الثاني إلى التمسك المطلق، بل الأعمى، بالتراث والحفاظ على كل ما هو تقليدي وقديم وإن ارتبط بالركاكة والجمود، واتسم موقف هذه الفئة برفض الفكر الغربي، ورغم أنهم سارعوا إلى الاستمتاع بثمرة ذلك الفكر ومعطياته الحضارية من سلع وأدوات مستحدثة في مجتمعاتهم، إلا أنهم ظلوا منكفئين على ذواتهم فكرياً، متمترسين خلف تراثهم، رافضين كل ما يأتي من الغرب عدا الجوانب المادية ممثلة في تلك السلع والأدوات.
وليس كل ما يأتي من الغرب شراً، كما ليس كل ما يأتي من الشرق خيراً. وعموماً صارت أغلب التقنيات الحديثة التي تمثل ثمرة الحضارة المعاصرة، تأتينا من الشرق وليس من الغرب والشرق ممثلاً في اليابان والصين وكوريا وإندونيسيا وماليزيا أقرب إلى العرب جغرافيا ووجدانياً منهم إلى الغرب. وفي ذلك مدعاة إلى تغيير نظرتنا للحضارات الأخرى، وللتعامل مع (الآخر) وتحديد مواقفنا منه بصورة أكثر إيجابية. ويمثل هذه الفئة بعض السلفيين الذين تمسكوا بصيغ وأشكال من التراث لا تعبر عن جوهر التراث العربي الإسلامي الأصيل في عصر ازدهاره وتمسكه بالعقلانية والوعي. ولقد جعل أولئك أنفسهم أوصياء على التراث، بل على شكل من أشكال التراث اتسم بالركالة واللاعقلانية، ولقد ركز أتباع هذه النهج على الذيلية العمياء للنصوص والمأثورات أكثر من تركيزهم على مضامين هذه النصوص.
جـ) التوفيق بين القديم والحديث : وإذا كانت التبعية التي تجلّت في آراء أصحاب الموقف الأول تقتل الثقة في النفس وتحكم على الأمة بالهامشية المطلقة، وتدعوها إلى الذوبان في حياض (الآخر) طوعاً واختياراً، فإن السلفية أدت إلى تقوقع المجتمع، ولم تنجح في بناء تصور واضح وخلاّق عن علاقة الأمس باليوم، ولذلك عجزت عن جعل التراث قوة فاعلة ومؤثرة في حياة الناس حاضراً ومستقبلاً.
وبناء على ما تقدم اتخذ أتباع الموقف الثالث وضعاً توفيقيا ًيدعو إلى الربط بين الدين والدنيا، والماضي والحاضر، والإسلام والغرب، والروح والمادة، والأصالة والمعاصرة، ولقد كثر أتباع هذا الموقف في الآونة الأخيرة واتجهت الأنظار نحو التفكير الواعي الذي يدعو إلى التعامل مع التراث بدون قدسية وبمنهج علمي وعملي يسعى لربطه بحياة الناس وبقضاياهم ومشكلاتهم اليومية، ويستخدمه في الوقت ذاته مؤشراً إلى تطلعاتهم المستقبلية، وذلك في غير إهمال لمآثر الماضي وإيجابياته.