خيؤط الشمس
20-03-2011, 02:50 AM
http://www.aljalia.org/Admin/gfx/gallery/p9.JPG
على مدى عصور طويلة، وفي وقت لا يدرك أحد مداه ولا كيفيته، عرف الإنسان الدق والطحن، كوسيلة لتكسير الحبوب الغذائية وسحقها، ومع تلك المعرفة جاء “الهاون” ليصبح جزءاً من حياة الناس جميعاً والإماراتيين بالطبع.
يسمى «المنحاز» بمسميات مختلفة، «فيده حصاة» أو “إرشاد” أو “مدق”، ووعاؤه هاون أو نجر أو ميقعة، وربما تكون له أسماء أخرى أيضاً، فبعض المناطق كانت مسميات الأشياء فيها تختلف عن الأخرى.
ويصنع «المنحاز» من النحاس عادة، لكن أنواعاً خشبية دخلت البيوت الإماراتية منذ زمن، تميزت بصوتها الأخف علواً من الأنواع النحاسية، وكان أردأ أنواعه تلك الحديدية لأنها تصدأ وتضر بطعم الحبوب المسحوقة فيه.
لايزال «المنحاز» موجوداً في كل المطابخ الإماراتية لليوم، لكن وظائفه المتعددة سابقاً صارت تنحصر في سحق حبات الثوم ودقها لتحضير الطعام.
فيما مضى كان «المنحاز» أداة ضيافة لا غنى عنها، فهي المرحب الأول بالضيوف، فيها تدق حبات القهوة الساخنة بعد أن يكون صاحب البيت قد “حمسها” على النار لتكتسب لوناً بنياً شهياً.
وكانت بيوت الكرم تشتهر بصوت «المنحاز» الذي لا ينقطع، فهي دعوة للمارين بالقرب من البيت، أو لمن يسمع الصوت بالتفضل وتناول القهوة مع صاحب البيت وضيوفه.
في «المنحاز» كانت توضع حفنة القهوة التي حمست وتدق، وعلى “المحماس” حفنة أخرى يداعبها اللهب لتنضج وتنتظر قليلاً قبل أن تقع في لجة «المنحاز» وتسحقها يده ثم تصير قهوة يضيف منها الضيف، لأن من عادات العرب أن لا يشرب الضيف من قهوة مسبقة الصنع.
وكان من عادة “المقهوي” وهو الرجل الذي يعد القهوة ويقدمها للضيوف، أن يحاول التميز بدقته للمنحاز، لأن صوت ضربات «المنحاز» العالية تصبح مزعجة إن لم تكن على إيقاع معين، لذا كان من المعتاد أن يصبح لضارب «المنحاز» نغمة خاصة عند سحقه لحبات البن، تختلف باختلاف حالته المزاجية.
وفي كل الأحوال كان وجود “المقهوي” ترفاً لا يتمتع به إلا كبار القوم والتجار، لكن “المنحاز” كان رفيق كل البيوت، ورفيق المرتحلين أيضاً، يربطه البدوي في “شداد” الناقة وهو ما يشد على ظهر الناقة لتسهيل ركوبها وحمل الأغراض عليها.
فقبل خمسين عاماً لم يكن البدوي يعترف بالقهوة إلا ساخنة الحبات تطهى وتطحن في التو واللحظة، لذا كان المنحاز من الأغراض التي يحرص على حملها دائماً في رحلاته.
وفي أيدي النساء يتحول «المنحاز» إلى أداة جمال وطهي، ففيه تسحق أوراق الحناء المجففة قبل نخلها وعجنها للتزين بها، وفيه أيضا تسحق حبات الورس “نوع من الحبوب البنية تستعمل للزينة” وأوراق السدر التي كانت تستعمل كشامبو للشعر وصابون للجسم، وهو أيضا أداة مهمة لصناعة الكحل العربي الذي تتزين به النساء، وعادة ما كانت النساء تحتفظ بــ «منحازين» أحدهما لصناعة مستحضراتها الخاصة، والآخر للطبخ.
من استعمالات «المنحاز» أيضاً صناعة الأدوية التي تحضر للمولود الصغير عبر طحنها وسحقها، ودق كل ما يحتاج تصويب الاستقامة بين فترة وأخرى مثل السكاكين والأعواد الصلبة.
ومن العادات الجميلة التي اختفت اليوم، حضور «المنحاز» بصوته العالي لثلاثة أيام في بيت العروس، حيث تحمل نسوة الفريج “منحازيهن” ويذهبن لدق حبوب وبهارات “المكسار”، بعضهن يدق خليط البهارات “البزار”، وهناك من يسحقن أعواد الكركم الصلبة، بينما تنشغل أخريات بدق الحناء والسدر والمحلب والياس والورس وغيرها من الأعشاب التي كانت تزين بها العروس.
http://www2.0zz0.com/2010/11/20/21/789449752.jpg
على مدى عصور طويلة، وفي وقت لا يدرك أحد مداه ولا كيفيته، عرف الإنسان الدق والطحن، كوسيلة لتكسير الحبوب الغذائية وسحقها، ومع تلك المعرفة جاء “الهاون” ليصبح جزءاً من حياة الناس جميعاً والإماراتيين بالطبع.
يسمى «المنحاز» بمسميات مختلفة، «فيده حصاة» أو “إرشاد” أو “مدق”، ووعاؤه هاون أو نجر أو ميقعة، وربما تكون له أسماء أخرى أيضاً، فبعض المناطق كانت مسميات الأشياء فيها تختلف عن الأخرى.
ويصنع «المنحاز» من النحاس عادة، لكن أنواعاً خشبية دخلت البيوت الإماراتية منذ زمن، تميزت بصوتها الأخف علواً من الأنواع النحاسية، وكان أردأ أنواعه تلك الحديدية لأنها تصدأ وتضر بطعم الحبوب المسحوقة فيه.
لايزال «المنحاز» موجوداً في كل المطابخ الإماراتية لليوم، لكن وظائفه المتعددة سابقاً صارت تنحصر في سحق حبات الثوم ودقها لتحضير الطعام.
فيما مضى كان «المنحاز» أداة ضيافة لا غنى عنها، فهي المرحب الأول بالضيوف، فيها تدق حبات القهوة الساخنة بعد أن يكون صاحب البيت قد “حمسها” على النار لتكتسب لوناً بنياً شهياً.
وكانت بيوت الكرم تشتهر بصوت «المنحاز» الذي لا ينقطع، فهي دعوة للمارين بالقرب من البيت، أو لمن يسمع الصوت بالتفضل وتناول القهوة مع صاحب البيت وضيوفه.
في «المنحاز» كانت توضع حفنة القهوة التي حمست وتدق، وعلى “المحماس” حفنة أخرى يداعبها اللهب لتنضج وتنتظر قليلاً قبل أن تقع في لجة «المنحاز» وتسحقها يده ثم تصير قهوة يضيف منها الضيف، لأن من عادات العرب أن لا يشرب الضيف من قهوة مسبقة الصنع.
وكان من عادة “المقهوي” وهو الرجل الذي يعد القهوة ويقدمها للضيوف، أن يحاول التميز بدقته للمنحاز، لأن صوت ضربات «المنحاز» العالية تصبح مزعجة إن لم تكن على إيقاع معين، لذا كان من المعتاد أن يصبح لضارب «المنحاز» نغمة خاصة عند سحقه لحبات البن، تختلف باختلاف حالته المزاجية.
وفي كل الأحوال كان وجود “المقهوي” ترفاً لا يتمتع به إلا كبار القوم والتجار، لكن “المنحاز” كان رفيق كل البيوت، ورفيق المرتحلين أيضاً، يربطه البدوي في “شداد” الناقة وهو ما يشد على ظهر الناقة لتسهيل ركوبها وحمل الأغراض عليها.
فقبل خمسين عاماً لم يكن البدوي يعترف بالقهوة إلا ساخنة الحبات تطهى وتطحن في التو واللحظة، لذا كان المنحاز من الأغراض التي يحرص على حملها دائماً في رحلاته.
وفي أيدي النساء يتحول «المنحاز» إلى أداة جمال وطهي، ففيه تسحق أوراق الحناء المجففة قبل نخلها وعجنها للتزين بها، وفيه أيضا تسحق حبات الورس “نوع من الحبوب البنية تستعمل للزينة” وأوراق السدر التي كانت تستعمل كشامبو للشعر وصابون للجسم، وهو أيضا أداة مهمة لصناعة الكحل العربي الذي تتزين به النساء، وعادة ما كانت النساء تحتفظ بــ «منحازين» أحدهما لصناعة مستحضراتها الخاصة، والآخر للطبخ.
من استعمالات «المنحاز» أيضاً صناعة الأدوية التي تحضر للمولود الصغير عبر طحنها وسحقها، ودق كل ما يحتاج تصويب الاستقامة بين فترة وأخرى مثل السكاكين والأعواد الصلبة.
ومن العادات الجميلة التي اختفت اليوم، حضور «المنحاز» بصوته العالي لثلاثة أيام في بيت العروس، حيث تحمل نسوة الفريج “منحازيهن” ويذهبن لدق حبوب وبهارات “المكسار”، بعضهن يدق خليط البهارات “البزار”، وهناك من يسحقن أعواد الكركم الصلبة، بينما تنشغل أخريات بدق الحناء والسدر والمحلب والياس والورس وغيرها من الأعشاب التي كانت تزين بها العروس.
http://www2.0zz0.com/2010/11/20/21/789449752.jpg