ولد العرب
07-05-2007, 12:03 PM
كعادته مر سريعا, لم يلحظ أن أحدا يرقبه ويتابع سيره, ولو لاحظ فإنه لا يهتم كثيرا, فكثيرة هي العيون التي تترصده وتسكنها الحيرة من حركة الباص في مثل هذا الوقت.
كانت الساعة قد تجاوزت الثالثة مساءً, وكان سائق الباص يقود شاحنته مسرعا, ويتوقف عند كل بيت. ضجيج الباص وصوت المنبه المرتفع, يجعل السيدات يتحركن مسرعات ليلحقن به قبل أن يتحرك.
في كل يوم ماعدا يوم الجمعة, وفي الموعد نفسه, يأتي الباص ويكرر فعلته. كانت الحياة وقتها بسيطة في صورتها ومتطلباتها. الأحياء السكنية عبارة عن (فرجان) متقاربة, يصل بين أطرافها شوارع طينية ضيقة تحتمل مرور المركبات في اتجاه واحد فقط, أو بدايات مشاريع طرق اسفلتية جديدة, وكانت السيارات التي تدخل وتخرج من هذه الأحياء معدودة, وعندما يتحرك باص مدرسي في هذه الطرقات فان ارتفاعه يكون اكبر من علو حجم المساكن, فيشعر به الاهالي وهم داخل بيوتهم. وعادة احياء الماضي إنها ساكنة صامتة, وطبيعتها هذه تجعلها تلتقط الأصوات عن بعد.
كان ذلك في بدايات السبعينيات, عندما قامت الدولة, وانطلق مشروع محو الأمية وتعليم الكبار.
محمد بن سوقات, كان من أولئك الذين لفت نظرهم حركة باص المدرسة في هذه الساعة المتأخرة, فماذا جاء يعمل وطلاب المدارس قد انتهى دوامهم وعادوا الى منازلهم مع أذان الظهر, لماذا يعود في العصر, ولماذا السيدات يقفن في انتظاره, وأين يذهب بهن ؟
ظل يتابع هذه العملية المتكررة كل يوم, سأل وعرف عن مشروع التعليم الجديد.
أثار استغرابه, وأثار أيضا شاعريته, فكانت فكرة وموضوعا ساخنا له في شعر الهزل الذي يجيد فنه, وينتمي له كأستاذ مبدع له مدرسته وجمهوره.
فتولدت من حركة الباص ومشروع تعليم محو الأمية قصيدة تعتبر من اشهر القصائد الساخرة في شعر الإمارات, لم تبق منطقة في ارض الوطن إلا ورددتها, فكانت على ألسنة الصغار والكبار معا.
وبعد أن أطلق بن سوقات (بص العيايز) تحولت من مجرد قصيدة إلى تاريخ, والى قصة وردود وجدل واسع. يقول الشاعر محمد بن سوقات في هذه القصيدة :
بصّ العيايز مرّ مشحون يتعلمن كتبه وقرايه
ادخل حسن واظهر ياحسون اكتبو لهم ديك وديايه
الكبار مايحتاج يقرون عيالهم عنهم كفايه
يوم أنهيو وانوو يدشّون صرّوا البراقع في الوقايه
يبغن وظيفة تلفزيون والا مهندس للبنايه
عيالهم باتوا يصيحون وحق الريل قالوا برايه
حمد بن سوقات, الشاعر والشقيق الاكبر, كان هو أول المعترضين على قصيدة
(بص العيايز), وعرف انها ستولد مشاكل لشقيقه, من الجنس اللطيف, الذي لايمكن
لشاعر أن يفكر في إثارة غضبهن!! فقرر أن يقف معهن ضد شقيقه مدافعا وناصحا
ومتغزلا. يقول الشاعر حمد بن سوقات في رده :
يا الاخو كلهن مزايينا صغار سن وسولعيّاتي
مابلغن من العمر عشرينا لا تزوّر قول وبهاتي
لي اظهرن في البص ماشينا من الدجر يمشن بكيفاتي
من حديث العلم باغينا هندسة او جولجياتي
الوعد من عقب سنتينا الكل فايز بالشهاداتي
كلهن دانات والجينا كاملات الحسن تلعاتي
وانت مالك حد امعينا خل عنّك ها الدعاياتي
صوتوا باسمي ملايينا وانته مالك صوت هيهاتي
لم يستسلم محمد, ولم يتنازل عن رأيه في راكبات الباص المسائي , ودخل شاعر آخر معهما هو المرحوم ثاني بن عبود, وكبرت دائرة المساجلات الشعرية بين الشعراء الثلاثة. حتى صارت هذه القصيدة قضية.
منقووول
كانت الساعة قد تجاوزت الثالثة مساءً, وكان سائق الباص يقود شاحنته مسرعا, ويتوقف عند كل بيت. ضجيج الباص وصوت المنبه المرتفع, يجعل السيدات يتحركن مسرعات ليلحقن به قبل أن يتحرك.
في كل يوم ماعدا يوم الجمعة, وفي الموعد نفسه, يأتي الباص ويكرر فعلته. كانت الحياة وقتها بسيطة في صورتها ومتطلباتها. الأحياء السكنية عبارة عن (فرجان) متقاربة, يصل بين أطرافها شوارع طينية ضيقة تحتمل مرور المركبات في اتجاه واحد فقط, أو بدايات مشاريع طرق اسفلتية جديدة, وكانت السيارات التي تدخل وتخرج من هذه الأحياء معدودة, وعندما يتحرك باص مدرسي في هذه الطرقات فان ارتفاعه يكون اكبر من علو حجم المساكن, فيشعر به الاهالي وهم داخل بيوتهم. وعادة احياء الماضي إنها ساكنة صامتة, وطبيعتها هذه تجعلها تلتقط الأصوات عن بعد.
كان ذلك في بدايات السبعينيات, عندما قامت الدولة, وانطلق مشروع محو الأمية وتعليم الكبار.
محمد بن سوقات, كان من أولئك الذين لفت نظرهم حركة باص المدرسة في هذه الساعة المتأخرة, فماذا جاء يعمل وطلاب المدارس قد انتهى دوامهم وعادوا الى منازلهم مع أذان الظهر, لماذا يعود في العصر, ولماذا السيدات يقفن في انتظاره, وأين يذهب بهن ؟
ظل يتابع هذه العملية المتكررة كل يوم, سأل وعرف عن مشروع التعليم الجديد.
أثار استغرابه, وأثار أيضا شاعريته, فكانت فكرة وموضوعا ساخنا له في شعر الهزل الذي يجيد فنه, وينتمي له كأستاذ مبدع له مدرسته وجمهوره.
فتولدت من حركة الباص ومشروع تعليم محو الأمية قصيدة تعتبر من اشهر القصائد الساخرة في شعر الإمارات, لم تبق منطقة في ارض الوطن إلا ورددتها, فكانت على ألسنة الصغار والكبار معا.
وبعد أن أطلق بن سوقات (بص العيايز) تحولت من مجرد قصيدة إلى تاريخ, والى قصة وردود وجدل واسع. يقول الشاعر محمد بن سوقات في هذه القصيدة :
بصّ العيايز مرّ مشحون يتعلمن كتبه وقرايه
ادخل حسن واظهر ياحسون اكتبو لهم ديك وديايه
الكبار مايحتاج يقرون عيالهم عنهم كفايه
يوم أنهيو وانوو يدشّون صرّوا البراقع في الوقايه
يبغن وظيفة تلفزيون والا مهندس للبنايه
عيالهم باتوا يصيحون وحق الريل قالوا برايه
حمد بن سوقات, الشاعر والشقيق الاكبر, كان هو أول المعترضين على قصيدة
(بص العيايز), وعرف انها ستولد مشاكل لشقيقه, من الجنس اللطيف, الذي لايمكن
لشاعر أن يفكر في إثارة غضبهن!! فقرر أن يقف معهن ضد شقيقه مدافعا وناصحا
ومتغزلا. يقول الشاعر حمد بن سوقات في رده :
يا الاخو كلهن مزايينا صغار سن وسولعيّاتي
مابلغن من العمر عشرينا لا تزوّر قول وبهاتي
لي اظهرن في البص ماشينا من الدجر يمشن بكيفاتي
من حديث العلم باغينا هندسة او جولجياتي
الوعد من عقب سنتينا الكل فايز بالشهاداتي
كلهن دانات والجينا كاملات الحسن تلعاتي
وانت مالك حد امعينا خل عنّك ها الدعاياتي
صوتوا باسمي ملايينا وانته مالك صوت هيهاتي
لم يستسلم محمد, ولم يتنازل عن رأيه في راكبات الباص المسائي , ودخل شاعر آخر معهما هو المرحوم ثاني بن عبود, وكبرت دائرة المساجلات الشعرية بين الشعراء الثلاثة. حتى صارت هذه القصيدة قضية.
منقووول